الجمعة، جمادى الآخرة ٠٤، ١٤٢٧

تفاءل بما تهوى .. يتحقق !


إلى أروى.... ربما :-)


___________________________________________________
فهد الأحمدي _ جريدة الرياض

هناك رواية خيالية تُدعى " الكرة " تتحدث عن اكتشاف البحرية الأمريكية لمركبة فضائية غرقت في المحيط . وبسرية تامة تشكل فريقا من العلماء المتخصصين للنزول لتلك المركبة وكشف تقنياتها المتقدمة . وسرعان ما يكتشف فريق العلماء أنها مركبة فضائية (من صنع أرضي) قادمة من المستقبل البعيد . وكان واضحا أنها تعرضت لحادث فضائي غريب غرقت على إثره في البحر - وعادت بسببه إلى الماضي - .. وفي مستودع التخزين يجدون كرة ذهبية كبيرة متموجة - أشبه بنقطة زئبق كاملة الاستدارة - وجدتها المركبة المنكوبة في الفضاء الخارجي .
وشيئا فشيئا تسيطر هذه «الكرة» على أفكارهم وتدخلهم تحت سطوتها بطريقة غامضة .. ليس هذا فحسب بل اتضح أن لهذه «الكرة» قدرة عجيبة على تجسيد أفكارهم ومخاوفهم وخلقها بشكل مادي حقيقي .. فأحد أفراد الطاقم مثلاً كان يسلي نفسه بقراءة رواية تدعى (20 ألف قدم تحت البحر) حيث تتعرض إحدى الغواصات لهجوم شرس من مجموعة من الحبّار العملاق .. وحين يقرأ هذه الفقرة بالذات تبدأ مجموعة من الحبّار العملاق بالتجسد حول غواصتهم بشكل فعلي وتهاجمهم بشكل شرس!!0
هذه الرواية (التي كتبها مايكل كريتشونس) هي في الحقيقة مجرد نموذج لفكرة فيزيائية وفلسفية قديمة.. تدعي أن لأفكارنا القدرة على التجسد في ظروف معينة.. وحسب هذا الرأي فإن مجرد تفكيرنا في أمر ما يساهم (مع بقية الافكار) في بلورة أو خلق جزء من الواقع الذي نعيشه أو نتوقعه00
والتقنيات الطبية الحديثة أثبتت اليوم أن للأفكار الإنسانية طاقة كهربائية وعصبية يمكن قياسها . كما تثبت أجهزة التصوير المغناطيسي أن الدماغ يفقد ويستهلك طاقة حقيقية حين ينغمس في التفكير . وطالما ثبت ذلك يصبح من المقبول القول أن رغباتنا الملحة (تساهم) في تغيير الواقع المادي من حولنا - ولو بجزء يسير من الطاقة !0
ولعلك لاحظت شخصيا أنه كلما زادت ثقتك في الحصول على شيء توافقت الظروف وتهيأت الأسباب لتحقيقه . فأنت تفوز في الغالب حين تكون واثقا من الفوز وتحصل على ما تريد حين ترغب فيه بشدة (وحين تفكر بعمق بصديق قديم يرن الهاتف أو تفتح الباب فتجده أمامك) !!
ورغم أن معظمنا مر بحوادث توكد هذه الظاهرة إلا أن معظم الناس لا يدركون وجودها ولا يحاولون توظيفها لصالحهم . وفي المقابل هناك من أدرك وجودها وحاول تنظيمها بشكل جماعي وواع - من خلال توجيه عدة عقول نحو هدف واحد - وأذكر قبل عدة أعوام أنني قرأت عن مجموعة من ألفي شخص اجتمعت في نيويورك لـ (تركيز نياتها) على إحلال السلام في البلقان وتدعي أن توقيع اتفاقية دايتون تمت بفضل (إصرارها) على ذلك !!!
... وفي الحقيقة توجد في السنة المطهرة أحاديث كثيرة تصب في هذا المعنى ؛ فقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قوله : (ماء زمزم ؛ لما شُرب له) ، وجاء في صحيح البخاري حديث بهذا المعنى : (أنا عند حسن ظن عبدي بي) وجاء كذلك : (لا يُرد القدر إلا بالدعاء) وغالبا ما يقف خلف الدعاء رغبة شديدة في تغيير الحال00
.. أيضا جاء في سنن البيهقي (تحت باب لم يكن له أن يتعلم شعرا ولا يكتب) عن عائشة أنها قالت ما جمع رسول الله بيت شعر قط إلا بيتا واحدا :
تفاءل بما تهوى يكن
فقلما يقال لشيء كان إلا تحقق
... كل هذه النماذج والشواهد تثبت تأثير الرغبة واليقين على تغيير آلية الأحداث حولنا .. ولا أدعي هنا أن رغباتنا هي صاحبة التأثير الأكبر في أقدارنا ؛ ولكنها بالتأكيد تأخذ زمام المبادرة في مواقف معينة - وترجح مواقف أخرى حين تتساوى المسببات !! 0
.. وقبل أن أنسى ..
(تفاءلوا بالخير تجدوه)!!
____________________________________________________