الخميس، رجب ٣٠، ١٤٢٧

lemon mint



منذ طفرة المسلسلات المصرية ، والحبكات الدائرة عن الراحلين والاغتراب ، منذ أول حوار يقول:
حأسلّم عليك دلوئتي -
مش حتطلعي معانا المطار ؟ -
لأه ، أصلي ما بحبش الوداع -
.
.
قبيل هذه الحوارات ، أصابتني بكثير من الصدمة في طفولتي حول مدى حبنا لشخص نرفض أن نعانقه العناق الأخير قبل مضيّه ، أو مرآه حتى آخر وهلة تحجبه عن بصرنا ، أو آخر كلمة يسرّها وجهاً لوجه.. هو أمرٌ لمتُ أمي عليه كثيراً حين تصد ذاتها عن وداعات السفر ، مكتفية بجملة عابرة قبله بليلة ، وهو ما حاق بأبي مؤخراً.. مع أنه لم يكن ليخطر ببال مضيّه لأي رحلة أن يذهب دون حارّ سلام للجميع!!ا
.
.
قليلة هي المواقف التي استنزفتني وداعاتها خارج محيط الأسرة ، فأقسى الحالات تغلب حين تتجه إحدى الصديقات لقفص الزوجية ، أقول " أقسى " من قبيل النقلة التي تحيق غالباً بعالمها في خضم المسؤليات الشتّى..
.
.
صديقتان هنّ أعز ما صانته الطفولة لي يقتطفهما القدر لمسافة شاهقة ، إحداهما مضت لمدينة الضباب بصمت.. دون وداع ، أو أمانات سلام ، أو قارس عناق ، برغم أنها تجهل أنى يتأتى لها إياب0
والأخرى كان لي موعد معها صباح الأمس للطيف إفطار قبل أن تحملها الريح لإنديانا لثلاث أعوام قادمة.. في الرياض يصنع الأشخاص متعهم حد الاختلاق.. فلوحدها كانت الشمس تنافي أي معنى يرد في أي معجم لتعريف الصبح ، وبرغم فيروز التي شرّفت المكان بترانيمها ، كانت ضوضاء الزحام المفاجئ لناموس الحياة الليلية موّترا ، عدا عن إفطار أمضي له دون سابق نوم!ا ،
.
.
كان قلبها ، وألذ نعناع بالليمون ، والكثير من الآثار الجانبية لعناق وداع !ا


الثلاثاء، رجب ٢١، ١٤٢٧

أما بعد.. إذا كان هناك بعد


" كُلُّهم للوطن
للعُلا
للعَلَم
ملء عين الزمن
سَيْفُهم
والقلم
سهلهم والجبل
منبت للرجال
قولهم والعمل
في سبيل الكمال
كُلُّهم للوطن
للعُلا
للعَلَم
كُلُّهم للوطن "
.
.
.
وصل عدد الضحايا ( ممن وُجدوا ) 1140 على سبيل التقريب..
ومازال البعض تنهشه وحشةٌ تسجّي جثثهم باردةً تحت قبرٍ مؤقت من الأنقاض..
ثمة من قضى نَحْبَه دون ليلةٍ خلتْ من قذائف..
دون وداعٍ أخير ، أو قُبلة ، أو صلاة ،
دون أن تعيد جارة لجارتها ما استعارته من طحين
دون أن تمتلأ حصّالة صغير في الجنوب ليقتني لعبة مشتهاة.. أو تُفرغ ،
فذابت مع ما انصهر من أساسات البيت ، وأهله ، وجسده
.
.
.
اليوم ثمة كثير من المآذن الملأى بالتكبيرات ، والكنائس الغاصّة بالنواقيس
ثمة الكثير من الأعيرة الفَرِحة ( مجازاً ) في الجنوب
وثمة شهر مضى محموم بالدم ، واستعار ثمن براميل النفط ،
والأكثر من خيبات 300 مليون فرد في حكوماتهم بما يثير ما هو أطغى من الحنق المعتاد ، وأقذع الشتائم
.
.
.
ثمة عالم سيستمر بعنصرية عرقه الآري ينظر لـ 3000 أمريكي من ضحايا 11 أيلول بمنطق الشهادة ، ودماء بزرقة سماء نيويورك ،
ومهما أفلح شرفاء ما بإضافة شهداء هذا العدوان لقوائم صبرا وشاتيلا ، والقانايتين ، ومروحين ، والحولا ، والقاع ، وجنين ، وغزة ، وعراق الله ، والكثير مما لا ينقضي بمسك ختام !
سيُعدّون من ضحايا الدرجة الثالثة نسبةً للعالم الذي ينتمون إليه
.
.
.
ثمة فيروز لن نستطيع تمييز ترنيمها دون أن تبكي..
ثمة " روشة " كوجه بحّار قديم ستعطي ظهرها للبرّ..
وثمة جوّال لن يبيع عرائس السكر على الكورنيش بعد الآن
.
.
.
فقط كما تقول منحوتة الأَرْزة التي اقنتها لي أمي العام الفائت من بيروت:
" دخل ترابك يا لبنان شو بحبك "

السبت، رجب ١٨، ١٤٢٧

يوميات على ذمة حزن درويش




قانا.. طبعة ثانية

فجر اليوم، الثلاثين من تموز، حَقّقت دولة إسرائيل تفوّقها العسكري الكاسح: انتصرت على الأطفال في قانا، وقطَّعتهم أشلاء. كان الأطفال نائمين حالمين بالعودة إلى أسرَّتهم الأصليّة سالمين، ربما حالمين بسلام صغير على هذه الأرض الصغيرة، يكبرون على مَهْلٍ على مهل، ويذهبون إلى المدرسة في أول الخريف، ويهربون منها لا خوفاً من الطائرات.. بل سأماً من درس الجغرافيا. لكنهم قُتلوا دون أن ينتبهوا، فيخافوا ويصرخوا. كانوا نائمين وظلّوا نائمين.. أيدي بعضهم على صدورهم، وأيدي بعضهم مقطوعة. لم أبْكِ منذ فترة طويلة، منذ أدركتُ أن دمعتي تُفرح من يُحبُّونني ميتاً. ولكن الذين يريدوننا ميتين فرحون اليوم مَزْهُوُّون بانتصارهم.. بانتصار غريزة الكراهية والقتل المجانيّ على فطرة حبّ الأطفال لأمهاتهم. لا، ليس الحليب أسود. الحليب دم سائل ومُجَفّف. فلأبْكِ إذاً بلا حَرَجٍ وبلا خشية من شماتة. فالقتلة إيّاهم الخارجون من قانا الأولى يخافون علينا النسيان، ويعيدون تمثيل المذبحة وارتكابها لئلا يحسب أحدٌ منا أن أحلام أطفالنا بالسلام ممكنة التحقيق. لم يعتذروا هذه المرّة، لئلا يتهمهم أحد منا بالرغبة في التكافؤ الأخلاقي بين القاتل والقتيل. لا، لا أستطيع الكلام مع أحد لئلا يسألني: ماذا تكتب؟ لا أخلاق للوصف إذا نزعتْ اللغةُ إلى البلاغة، فليس من حق اللغة أن تشرح الصورة، الصورة التي تضيق بتناثر أشلاء الملائكة الصغار. كم من يسوعٍ صغير تتسع له الأيقونة؟ من يستطيع أن يكتب شعراً اليوم وأن يرسم لوحة وأن يقرأ رواية وأن يستمع إلى موسيقى... فهو آثم. إنه عيد الدولة التي انتصرت على الملائكة، وذكَّرتْنا بأن الهدنة هي استراحتها القصيرة بين مذبحة ومذبحة!

محمود درويش

رام الله، تموز 2006

صحيفة الأيام الفلسطينية

الاثنين، رجب ١٣، ١٤٢٧

خبر عاجل


New TV:
" وزراء الخارجية العرب يجتمعون في بيروت تحت القصف من باب المخاطرة ؟00
أو بالأصح كونهم يوقنون أن اسرائيل لا تضرب حلفائها "


الثلاثاء، رجب ٠٧، ١٤٢٧

صار الكلام عُهرا




يا أطفال “قانا 1996.. لا تخبروا أطفال “قانا 2006.. عمّا جَرَى عَليكُم،
أخافُ أن يلومَ الأطفالُ الأمَهَات، فتُهجَرَ الأرضُ والبلد..
تَسَتَروا يا صغارُ على الفَجيعة،
ولا تُخبِروهُم أنه لمّا يُعاقبُ العالم من ألقاكم تحت ركام المباني،
أخاف أن يموت الأطفال حزناً “مرتين”.
فجيعة قانا _ عادل الجمري